يحكى أن عجوزاً اجتمعت بأحفادها الخمسة .. في إحدى ليالي فبراير فقالت : كما تشاهدون فقد توقفت عقارب ساعتي عند الثانية عشر ، توسط القمر كبد السماء قُطِعت الكهرباء .. ساد الظلام و غطى السكون منزلنا !!
- من بؤبؤ عين الدمية سُحِب سلكٌ نحاسيٌ لامعٌ .. صنبور الماء يقطر .. و أركان البيت تردد صداها .. تصيبك القشعريرة في كل جسدك من هبات هواءٍ باردٍ ، على زجاج النافذة المرتفعة .. تتمايل الظلال و تنعكس الإضاءة الحمراء ، دون سابق إنذار تشعر بأحدهم يحوم حولك !! تلتفت يميناً و يساراً .. فلا تجد أحداً ؟! ترخي أنفاسك .. ترمش بعينيك لحظة لترى وجهه بوجهك ..
و انفجرت الفقاعة !!
- توقفت عن الثرثرة .. ارتطمت عقارب منتصف الليل بجدار الزمن .. امتلأ وجهه بالشحوب و غطت خصلات شعره الفضي ملامح عينيه .. وقف وراءها بسكون و قد اكتسى جسده البياض ، ابتسامة ساخرة شفاهٌ مرتجفة أعينها المهتزة .. دموعها الصارخة .. لم تلقى الوقت لتعلن عن حضورها !! الأنفاس الباردة .. القلوب الخائفة .. اختفت الفتاة .. تلاشى السراب
و انفجرت الفقاعة !!
- كانت خيوط الفجر غائمة و بتلات الزهور نائمة ، عند بوابة الحديقة الميتة تقف الطفلة بملابسها الرثة الممزقة و كِسرة الخبز بين أصابع يدها اليسرى .. طنين الذباب طوق جثة الرجل الأصلع ! إحساس متجمد يُذاب بصرخة فمها المتورد .. الفأس الصَدِء يضرب وريقات الشجر .. فتات الأمس لا يغني عن الألم ، خشخشة المطر تتوقف .. دندنة النور تتلعثم ..
و انفجرت الفقاعة !!
- على جنبة الأريكة السوداء .. دمعة حمراء عانقت وجه الفتى الأشقر ، الأيادي المتجعدة تلامس شعره الناعم .. عناقيد العنب المعفنة تحرق أكوام الجثث المرصعة بفضية القمر .. شباك العنكبوت أُسدلت على النافذة المكسورة القطة البينة تقفز عن السور .. تطأ الأرض ببطون أقدامها !! السياج النازف يتطاير نفذ الوقت ..
و انفجرت الفقاعة !!
- وقعت دمية في حوض السباحة صرخت : أنقذوني !! قدم إنسان مبتورة على صفحة الكتاب المقطوعة !! أحكمت قفل الباب ، رمت المفتاح في جوف منقار اسمر ، ركضت و الدموع تهطل على سجادها الأخضر ، جلس على السرير و قدماه متسخة ، امسك الفرشاة و لطخ اللوح الأبيض بالطين اليابس ؛ ثغرة في وجه القمر .. تقف على المسرح مع قفصها الذهبي .. تبكي و تقول : كُسِر الزر
و انفجرت الفقاعة !!
- خطان أبيضان على ظهر الظربان الأسود .. يدٌ ممتدة من جدارٍ خالٍ تربت على كتفه .. رائحة العفن منتشرة ، أغطية القوارير في كل مكان .. بقايا أدخنة السجائر .. صولجان أحمر مغطى بحثالة البشر !! وردة سوداء وسط لوحة مخدوشة .. طحلب الماء يراقب الأحجية .. ذنب العقرب معقم بالسموم .. غطاء العين في الليلة الغبشاء .. ارتعش و اضطرب ...
و انفجرت الفقاعة !!
- صرخ قلبه بالدموع و تاهت عيناه بالألم .. احتضنت الأوهام خيالاته .. تمايلت أعواد الخيزران .. حفحفة الأصوات .. ألعوبة الآنسة .. حذاء السيد .. صرير باب الدولاب في مقبرة النجوم .. القناع البرونزي يخفي الملامح .. بركة راكدة مزينة بالخنافس المضاءة .. الشريط السينائي يسارع الحبكات .. الأشلاء المبعثر مكسوة الدم الجاف .. نط عليها الضفدع ..
و انفجرت الفقاعة !!
- سلاسل ذهبية على الوسادة الحمراء ، فوق الكرسي الأبيض .. فتاة مقيدة .. تغلق عينيها !! طوابع البريد ملتصقة بمظروفٍ أصفر .. خفاش الكهف عائمٌ على السقف ؛ حبال الغسيل المتهرئة تصطف عليها الغربان من اجل الجنازة حشرات البركة تأكل صديد العلبة ، عجوزٌ أشمط .. يلوح بعكازه ؛ الجدار القرمزي تساقطت أجزاءه .. مالت الشمعة أحرقت معرض اللوحات ...
و انفجرت الفقاعة !!
- عدسة التصوير .. وميض الآلة .. لا تعكس ما تراه عينا الصحفي الخائف ، ملاءة تحلق في الجو ، أكوابٌ تسير على الأرض ، من وراء النخلة تبرز أيادٍ كحلية تراقص الرياح ، انصياع الخنزير طأطأ تباهي الطاؤوس ، رقاص الساعة لم يتوقف ! الأبراج تتمايل ؛ خطوات على الرماد .. أغصان بلا أشجار .. و أشجار بلا أوراق نهض و جثا الصحفي على ركبتيه ..
و انفجرت الفقاعة !!
- على الكومة الخشبية يستلقي طائر أزرق و بجواره فتىً حافي القدمين ينفخ الفقاعات من قشة ترابية ، خمدت النيران ، رموز مبهمة .. طلاسم مكتوبة على جدران منهارة ؛ مخالب ثعلب .. أنياب ذئب !! المرأة البدينة تقهقه الضحكات على قدرٍ مفحم ، قوس .. قيثارة .. قلعة .. قفاز .. قطن .. قطرة ؛ البيلسان الذابل تهشم !! بكى الفتى مات الطائر ...
و انفجرت الفقاعة !!
- سكتت العجوز .. و قد امتلأت عيناها بوجوه أحفادها .. المغطاة بخوفٍ متجمد و أعين طفولية تشع بالبراءة ، ابتسمت لهم بلطف .. حين رأت تشبت أصغرهم بذراع أخيه المختبئ تحت ملاءة بيضاء و الأظافر الناعمة التي اختفت من يدي الآخر فقد اشتدّ قضمه عليهما ، كما أن الفتاة احتضنت وسادة مزركشة بنقوش فضية .. و آخرهم قد احمرت شفته السفلى و تشققت لكثرت ما حددها بأسنانه اللبنية ؛ لوحت بكفها الأيمن ، و قربت الآخر من فمها ثم أصدرت ضحكة هسترية .. لم يفهم الأحفاد معناها ! بعد لحظات قليلة .. توقفت .. و الأحفاد على حالهم ؛ تنهدت ثم ابتسمت قائلة : إنها أقصوصة فقط ! أردت أن أخيفكم بها .. كي تكفوا عن العبث الطائش ، فالعابث لا يرى الحقيقة حتى إذا كانت أمام عينيه !! و في أثناء حديثها اشتعلت المصابيح البيضاء .. أضاءت الغرفة ؛ فامتلئ وجه العجوز بابتسامة لطيفة و أكملت قائلة : انظروا .. ها قد عادت الكهرباء كما أن الوقت تأخر لدى عليكم أن تذهبوا إلى النوم ..
و انفجرت الفقاعة !!
ஐ ஐ ஐ
... تمتمة قد تهمك ...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اسعد الله أقاتكم باليُمن و البركات
[ صباكم \ مسائكم ]
فل و ياسمين و فقاعات .^.^.
يحق للجميع القول : لم نفهم ما انطوت عليه الأقصوصة ؟؟!
حقيقة الأمر انني اردت اخافتي نفسي
مثلما كنت افعل عندما كنت طفلة
ففي حوش منزلنا امسك بيد اخي الصغير
بعد ان يكتسي ليلاً سوادً ..
و أُشير بالاخر تجاه السفح الجبلي
ثم ابدأ برسم صورة خيالية في ذهني
اصفها بكلمات باردة في محاولة مني لإخافته
لكن هيهات فلا حياة لمن تنادي ..
فالوحيد الذي يصاب بالذرع مما تخيله
لا يكون أحدٌ سواي !!
لذا قررت ان اعيد الذكريات بواسطة القشة الترابية
التي نفخها الفتى ليصنع الفقاعات
ليعبث و يلعب .. فالوقت الذي حدث ما حدث لقريته
أمام عينيه .. لكنه ظلّ يصنع الفقاعات واحدة تلو أخرى
لينعكس على خدها صور الواقع الغائب عنه
على لسان عجوزٍ ازعجها احفادها بالعبث و الطيش !!
[ انتهى ]
السبت، 5 مايو 2012
أقصوصة ..أمسية شتوية على خد فقاعة !!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق