همسات ثعلب
حطمت قوة الفيل !!


\
/
\
/
\


على ضوء شمعة تسامرنا .. أمي وعائلتي و أنا ..
ذاك يقول طرفة و تلك تأتي بمزحة .. و بين الفريقين استوقفتنا [ أمي ] ، قائلة :

دور من - الليلة - ليحكي لنا الحكاية ..؟

صاح الجميع : أنـــا ..!

و قبل أنّ نتقاتل حسمت الأمر [ أمي ] ،

و اختارت من بيننا [ ندا ] لتروي لنا ،

حكاية الملك المتغطرس ، و الثعلب الماكر ؛

ابتدأت كلامها بحمد الله ، والصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه و سلم ، و أتبعتهما بنحنحةٍ و اعتدالٍ في الجلسة ؛ ثم قالت :

في أعماق غابة خضراء ، حين سادتْ الفوضى كل الأرجاء ،
وقف العصفور [ فهيم ] بين يدي الأسد العظيم ، يشكو إليه [ الغراب ] اللئيم ،
الذي هاجم عشه ، و أفزع فرخه ، و أقلق أمنه ؛ و الجمع يتهامسون في عجب
[ ما بال الأسد لا يهلع من هذا العبث ؟؟! ] .

\
/
\
/
\

فجأةً

\
/
\
/
\

سكت الهمس لوصول الغراب أشعت الرأس ؛ قائلاً :
- يا سيد ي ! هذا الثعلب لي محامياً.
و ألتفت يمنةً ، حيث يقترب الثعلب محنياً رأسه تحيةً ، و أتبع ابتسامتها ؛ قائلاً :

- أُسعِدتْ أيام جلالتكم ، و طابتْ الأوقات لكم ،
فهذا موكلي أتى يشكو من شكاه ، و يظهره ما أخفاه ؛ لكلٍ في عشه حرمة ، و في أهله جمعة ،
فـ \ كيف يحق للعصفور أن يمضي الوقت الطويل ، يغرد اللحن السعيد ، و يسعد بالفرح المديد ، مع زوجه و صغاره ، والغراب في عشه وحيد ، و عن سربه بعيد ،
ألا يرى ذاك البليد أن [ موكلي ] سيحمل له الحقد الشديد ، أليس هذا كافياً ليصنع به ما صنع أيُّها الملك الرشيد ..؟!

علا زئير الأسد و اشتد ، ليسكت الحضور و الحشد ؛ و أردف قائلاً :
- الثعلب أتى بالقول السليم ، و [ مرفوضة ] دعوى العصفور فهيم !!

هاجت الحيوانات و ثارت ، و أبت إلا العدل و الإنصاف - هنا غلبت الكثرة الشجاعة - و صار الأسد بين الرغبة و الرهبة ، و لم يتدارك الموقف إلا الفيل بخرطومه الطويل و رأيه الفضيل ؛ بقوله :

لنحتكم إلى [ كبيرة الأشجار ] ، فعلمها أوسع ، و رأيها أصوب ، و فكرها أعمق .

عَمِل الجميع بما قاله الفيل ، و راحوا إلى الشجرة العملاقة في قلب الغابة ، عرض صاحب المشورة القضيةَ ، و أتى بالحجة الأبية ، فتقرر إنصاف العصفور ، و خلع الأسد الجسور ، و تعيين الفيل شأن الحيوانات و النظر في الأمور .

مرّت الأيام و الفيل حاكم عادل ، قاضٍ منصف ، لكن هذا لم يعجب الثعلب ، فأخذ يتحايل و يتلاعب حتى تمكن من الجلوس مجلس الأخ الأمين ، و الصديق المعين ، في كل وقتٍ و حين .


\
/
\
/
\


[ أنت ملكٌ حكيم ، لا تخطئ و لا تحيد ، لا تنقص و لا تزيد ، أيا سيدي الجليل ، ألا ترى أن الغراب الأشعث حزين ، و الأصفر الصغير فرحٌ سعيد ، أخذ ما لا يستحقه ، و جار على جاره المسكين ؟! ]

\
/
\
/
\

دارت الأفكار و حارت في عقل الفيل ، و تحت خداع الثعلب و إلحاحه ، استدعى الملك المتخاصمان .

سمع الكلام أحد الكرام ، فمضى يبحث عن الأسد الهُمام ، ليسعف الفيل من دهاء الثعلب المكّار .
و ما إن علِم الأسد بشأن الحكم المُعاد ، أسرع يهرول لرفيق دربه القديم ، ينصحه و يعظه ؛ لكن آذان الفيل لا تسمعان سوى همسات الثعلب

التي [ تأمر بالمنكر ، و تنهى عن المعروف ] ، موقعةً الحاكم الغافل في شراكها ، لتعيد الحيوانات ثورتها ، و تنزل بالفيل غضبها ، كيف ( لا ) .. وقد أنصف الغراب العادي ، و تجبر فعل أفاعيل الطاغي .

\
/
\
/
\

حضرت [ كبيرة الأشجار ] ،و لِمَ سمعت الأخبار ، حكمت بأخذ السلطة من الجبار ، و أعادتها للأسد المختار ، الذي حفظ الدرس و سار على نهج العدل بلا استنكار ،
و هكذا يا شطار انتهت حكاية الثعلب المكّار ، بحبسه في سجن الأشرار .

\
/
\
/
\

ختمت [ ندا ] كلماته مع ابتسامة عذبة .. و نفخت هواءً لطيفاً لتطفئ الشمعة

غطت أمي أخوتي الصغار .. و نام جميع من في الدار .. ليروا في منامهم أحلا الأحلام !!

تمت ...

بحمد الله و فضله .. !!

\
/
\
/
\